يوم النصر العراقي الكبير
إقرأ لنا

يوم النصر العراقي الكبير

عبد الأمير الهماشي

لم يكن هذا اليوم إلا تتويجاً لعمل مضني وشاق إبتدأ بعد لملمة الجراح،  إعادة ترتيب الاوراق وتقييم الاوضاع من جديد.

كان العالم ينتظر أن يتعامل مع  تنظيم داعش الارهابي بما يُسمى سياسية الاحتواء، وانتهاء جغرافية دولة كان اسمها العراق، والتعامل مع جغرافية سياسية جديدة، وبدأت تسمية كيان داعش تتسرب حتى في الاوراق والكتب الرسمية العراقية، وذكرتني بتسمية الكيان الصهيوني ليتم قبوله بعد ذلك كدولة يتعامل معها الجميع بطريقة وباخرى.

لم تكن السنوات التي مرت أيام القتال سنوات سهلة فهي كانت قاسية لا في القتال فحسب بل بكل الاوضاع الاخرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

الوضع الاقتصادي كان على شفا حفرة الانهيار فالميزانية الخاوية وأسعار النفط التي وصلت حدود يمكن ان نقول أنها لاتوصل تكاليف الانتاج، وحيتان الفساد ما زالت تتربص لتنقض على ماتبقى من موارد الدولة، ووراثة انفاق حكومي عشوائي يصل الهدر فيه الى الملايين من الدولارات، ووجود الملايين من الموظفين الذين ينتظرون رواتبهم كل شهر من أجل الانفاق على عوائلهم وليس لهم الا هذا المصدر للعيش.

اما الوضع العسكري فقد كان التحدث مع بعض الضباط من أجل إعادة  الجيش العراقي الى وضع مسك زمام الامور وكأنه ضرب من الخيال، وقد تهرب بعضهم من المسؤولية. وقد أبدى الاخرون استعدادهم للقيادة، وكان  قولي لاحدهم "سيكتب التاريخ اننا بدأنا بناء الجيش العراقي من جديد"، كان هذا الكلام في تلك الظروف نوعاً من الحلم، وضربا من الخيال، أو يمكن للذي سمعه حينها من الحاضرين أنه النفخ في بالون مثقوب!

 كانت الاوضاع عشوائية، وفي العرف العسكري يسمى إعادة تنظيم  العسكر. كيف يمكن لجيش مهزوم أمام عصابات ارهابية أن تُعيد الثقة به ليقاتل، وليس هذا فقط بل تخطط له لينتصر مرة اخرى!؟ جيش لكل العراقيين، جيش يختزن تاريخاً مليئا بالبطولات.

 أما على مستوى الجماهير فقد أشعلت الفتوى التاريخية للجهاد الكفائي لهيب العقول، وتحرك الشيبُ قبلَ الشبابِ لتلبية الفتوى، وقد كان الناس على شفا حفرة قبلها.

لقد أرادوا أمرا وكان لله أمرٌ آخر فهذه الفتوى وحدت العراقيين بدلاً من أن تفرقهم، وكأنها كانت للعراقيين بجميع أطيافهم، وهي كانت كذلك وكانت الغطاء الشرعي للمتطوعين واللباس الوطني الذي تلبس به الجميع.

وعلى المستوى السياسي كان لا بد من إعادة الثقة والعمل كشركاء من جديد بين القادة السياسين، بعد أن فقد الكل ثقته ببعض، وفقد العالم ثقته بالقادة السياسين العراقيين وكان على الحكومة أن تعيد الثقة بين السياسين اولا، وبين العراق والعالم ثانياً. ونجح العراق في أن يُقنع العالم ليشكل تحالفا دولياً لمقاتلة داعش، ومساعدة العراق عسكريا واقتصاديا وانسانياً لاحتواء أزمة النازحين وكل هذه الامور بحاجة الى حكمة ومرونة ودون المساس بسيادة العراق.

كان على الحكومة أن توازن بين عدوين ليعملا معاً في مقاتلة عدوٍ ثالث وبطريقة التخادم بينهما، وقد نجح العراق في ذلك نجاحاً باهراً. لقد كانت كلها قصص نجاح سطرها العراقيون بدمائهم.

 لقد صنع العراقيون مجدهم، ولهم الحق والفخر انهم أنهوا أكبر قوة إرهابية في التاريخ هددت العالم كله. لقد استطاع العراق أن يوقف هجمات الارهاب ضد دول الجوار، والدول العربية واوربا والولايات المتحدة.

ولم يكن أن يكون كل ذلك لولا أن توحد العراقيون ضد عدو واحد، وعلموا أن نصرهم لم يكن الا بوحدتهم وبقيادة استطاعت أن توظف الامكانات القليلة من أجل النجاح، لقد تحول المخرز الى رمح نحر رأس الافعى وتتوج ذلك في يوم العاشر من كانون الاول عام عام 2017.

لقد انتهى هذا التنظيم عسكريا لتبدأ قصة عراقية من جديد وهذه هي عجلة التاريخ، فالامم الحية لا تموت أمام عصابات ظلامية وإن كسبت جولة في غفلة من الزمن.