الدولة مصداق الخير الشامل
رؤانا والتزاماتنا

الدولة مصداق الخير الشامل

((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))

  • الحياة برمتها ثنائية خير وشر، هي صراع أفكار وإرادات ومشاريع (خير وشر) في حركة التاريخ، والتاريخ أسفار خيرات وسجل شرور، وعلينا وعي موقعنا في هذه الثنائية.
  • التاريخ كحركة جهاد ونضال إنساني هو تجل لثنائية الصراع بين الخير والشر في السياسة والإجتماع والفكر والإرادة والغايات..الخ،.. وأعمارنا وأنشطتنا وما نقول ونفعل ونُنتج.. ما هي إلاّ مصاديق لهذا الصراع في تجلياته التاريخية،.. وما حكم التاريخ علينا سوى الحكم بصلاح أو فساد أفكارنا ووأعمالنا وسياساتنا على وفق معيار الخير والشر،.. فمعيار الخير والشر هو معيار وزن وتقييم وحكم، وبه ننال الرفعة بالدنيا والثواب بين يدي الله تعالى غداً يوم نلقاه.
  • ((ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير..)).. من هنا المنطلق، منطلق النية وبوصلة الفعل ووزن الهدف... إنه الدعوة إلى الخير،.. الخير بكل مصاديقه، حيث العدل والحق والمساواة والرحمة والعطاء والسلام.. لنيل الفلاح في حركة التاريخ ((..وأؤلئك هم المفلحون)).
  • ((ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..)).. فالذي يكون دليلاً إلى الخير وبوصلة لاتجاهه هي (الأمّة/الثلّة) التي تحمل الخير مشروعاً وهدفا،.. فهي المحركة للتاريخ والصانعة لأحداث الفلاح، والتي تتصدى لبلوغ الخير من خلال (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بجميع مصاديق المعروف والمنكر السياسي المجتمعي الإقتصادي الثقافي والتربوي،.. إنَّ الخير كغاية يتطلب مسار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنيل الفلاح، والفلاح هنا هو فوز التجربة الإنسانية بكل مصاديق الخير السياسي المجتمعي الإقتصادي.
  • كلما كانت غايات الخير عظيمة كلما كان التكليف أكبر والمشقة أعظم والفلاح أكثر ثماراً،.. كذلك هو العمل للدولة والإنسان والتاريخ، هي غايات خير عظيمة تتطلب المسؤولية والتضحية والصبر لتحقيقها.
  • نكتشف عظمة الإنسان بعظمة الخير الذي نذر نفسه إليه،.. ومَن ينذر نفسه وفكره وحياته وموته لخير الناس وصلاحهم وتحررهم وسعادتهم لهو في أعلى مراتب الأخيار الأبرار الذين حوّلوا الزمن الرتيب الى تاريخ معطاء، وحوّلوا الخير من شعار إلى مشروع ومنهج وخيار لا يستطيع أصحاب الشر من طمسه ومصادرته مهما أتوا من قوة.
  • جميع ما نمارسه ونتصدى له يجب أن يخضع لمعيار الخير للناس والدولة والوطن وليس لخير أنفسنا وأحزابنا وهوياتنا الضيقة أو مصالحنا الهابطة،.. ومغادرة الخير إلى الشر إنما هو بصميم الضلالة والإنحراف والخيانة لله والإنسان والوطن.
  • أعظم مصاديق الخير ما يتصل بالمال والعرض والدم والأرض، بما يتصل بدموع الناس وابتسامتهم، بكرامتهم وشرفهم وأمنهم وسلامهم،.. ولا خير في أي عمل لا يجعل هذه المصاديق عنوانه وهمّه وغايته،.. ومن يتصدى للشأن العام فهذه من أوليات مسؤولياته التي يجب أن يعيها ويلتزم بها، وإلاّ تحوّل إلى شر ووبال.
  • المناصب والعناوين هي مواقع مسؤولية لتجسيد الخير ودفع الشر عن الإنسان والأرض والمستقبل، وإذا ما تحولت المناصب إلى امتيازات فستكون شراً للأرض وأهلها، لأنها ستكون مصداقاً للأنا والشره والإمتياز والتّجبر.
  • علينا أن نعي بأنَّ الأصل بعملنا السياسي المجتمعي هو الخير كغاية، وهنا فأحزابنا وقوانا السياسية هي وساط وليست غايات، عليها أن تكون قوى خير لفعل الخير وليست كيانات صنمية نفعية تعتاش على الخير، خير الناس والدولة.
  • الخير تتحرك مصاديقه وتتجدد بتجدد حاجات الناس ومقتضيات الدولة، وهنا فعلى مسؤولينا وقوانا السياسية وفاعلياتنا المجتمعية أن تتطور بتطور حاجات ومقتضات خير الإنسان والدولة، والتطور هنا هو تطور خطاب وفكر وسياسات لتستطيع قوانا أن تكون رائدة بفعل الخير وتأمينه للإنسان والدولة، وإلاّ سيتجاوزها التاريخ وتكون عقبة أمام الخير واستمراريته.
  • الدولة اليوم هي عنوان الخير كلّه، هي الأمن والإقتصاد والسيادة والكرامة،.. واللا دولة يعني الفوضى والفساد والإستلاب وشرعة الغاب،.. وعلينا الوعي أننا لا يمكننا جلب أي خير للمواطن إلاّ بالدولة.
  • دولتنا وبعد سقوط نظام الطغيان والتمييز البعثي الصّدامي، تعيش المحاصصة المقيتة والفساد المستوطن والفوضى المقصودة والإستلاب الممنهج، وهي اليوم تعيش أضعف أطوارها بعد أن تنفست الحياة وتحررت من الإرهاب والتقسيم والفوضى،.. عادت إلى ذات المستنقع بفعل إنزواء الخير وتطاول مشاريع الشر.
  • دولتنا اليوم تعيش إنتفاضة الشباب في سبيل الإصلاح والتغيير، فانتفاضة أكتوبر الشبابية 2019م هي مصداق للخير الشعبي الهادف لوضع حدٍ للشرور والمفاسد بجسد الدولة،.. ودولتنا اليوم بأمسّ الحاجة لمشاريع الخير لدفع الشر عنها وعن إنسانها وأرضها وخيراتها وسيادتها،.. وهنا الإختبار الصعب لنخبنا وأحزابنا وقوانا المجتمعية، وهي مسوؤلية تضامنية تتطلب منّا التحلي بأعلى مستويات المسؤولية والجهوزية والطهورية اتحقيق الإصلاح، وإلاّ سنكون مصداق شر وفساد لا مصداق خير للدولة.
  • دولتنا تحتاج اليوم الإنتصار لخيرها، تحتاج الإنحياز والإنتصار لمقومات وحدتها ونظامها وتكاملها وسيادتها، فليس خارج الدولة إلاّ الشر حيث الإنقسام والصراعات والفوضى والتبعية للأجنبي،.. دولتنا اليوم تحتاج إلى المشروع الوطني التنموي القادر على تدارك محطات إرث الماضي الثقيل ومحطات الفشل والتقصير بتحمل مسؤوليات إدارة الدولة،.. وتحتاج إلى الحكم الفعّال القادر على النهوض بأعباء البناء والإعمار والتنمية وحفظ كيان الدولة، وتحتاج إلى التضامن السياسي المجتمعي الفعّال لضمان دفع الشرور عنها، شرور التشظي والإستلاب للكرامة والسيادة والخيرات،.. وهي مهمة خير وطني تقع على عاتقنا جميعاً.
  • مشروعنا هو النصر والإنتصار للدولة، باعتبار الدولة اليوم هي الخير الشامل وخلافها الشر الشامل،.. وهو ما عملنا له بالأمس ونعمل له اليوم وغداً،.. وسواء كنا في موقع السلطة أو خارجها، ومهما تنوعت المواقع وتعددت المنابر والمنصات إلاّ أن مشروعنا الوطني ثابت، هدفه النصر للدولة والإنتصار لخير إنسانها ووحدتها وسيادتها ورفاهها،.. وبذلك ندرك الفلاح.. (وأؤلئك هم المفلحون).