قراءة في فقرات البيان المشترك الحواري العراقي ـ الأمريكي

باسم العوادي

أصدرت حكومتي العراق والولايات بياناً مشتركاً حول انطلاق الحوار الستراتيجي بين الطرفين بتاريخ 11 / 6 / 2014 ، وبالرغم من أن الجلسة الاولى كانت فيديوية عبر (الاونلاين) وبزمن قياسي، إلا أن البيان المشترك احتوى على الكثير من المضامين الهامة التي يمكن الإشارة إلى أهمها كالتالي: 

1ـ فكرة بيان مشترك وباسم حكومتي البلدين يدل على توافق وتناغم مشترك بين البلدين.

2ـ اعتبر البيان أن الأصل هو اتفاقية الاطار الستراتيجي، والحوار الحالي مرتكز عليها، وهذا يعني أن لاتغيير في اتفاقية الإطار، ولا مجال لاتفاقية جديدة مغايرة.

3ـ أكد البيان التزام الطرفين بثلاثة أمور : اتفاقية الاطار الستراتيجي، المذكرات الدبلوماسية، المراسلات مع الأمم المتحدة.

اتفاقية الإطار معروفة، أما المذكرات الدبلوماسية، وهي الاتفاقيات التي وقعت من قبل وزير الخارجية العراقي 2014 ممثلاً عن حكومة العراق، والسفير الأمريكي ممثلاً عن حكومة الولايات المتحدة، بعد دخول داعش للعراق وطلب فيها العراق رسمياً دعم القوات الامريكية ووافقت بشرطين: 

 الأول: هو الحصانة للقوات الامريكية، والثاني: هو إعطاء مهلة سنة لكل طرف يريد إلغاء المذكرة لاحقاً، أما المراسلات فهي وثيقتان، الأولى من قبل وزير الخارجية هوشيار زيباري في الشهر السادس 2014، والأخرى من وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري بتاريخ أيلول 2014، يطلبان فيها دعم المجتمع الدولي لمساعدة العراق عسكرياً، وفيها إعلان رسمي بطلب العراق دعم الولايات المتحدة عسكرياً وفقاً للمذكرات السابقة الموقعة بين مسؤولي البلدين. 

وعلى هذا الأساس ووفقاً للبيان المشترك فإن اتفاقية الاطار الستراتيجي / والمذكرات الدبلوماسية / والمراسلات مع الأمم المتحدة كلها قانونية، وملزمة للطرفين، ولا زالت سارية المفعول ومعمول بها إلى حين عقد اتفاقات جديدة في نهاية الحوار الحالي، وهذا معناه أن وجود القوات الامريكية والدولية لازال بطلب من حكومة العراق رسمياً لحد الاتفاق القادم الجديد.

4ـ  في النص التالي: ((وجَدَّدت الولايات المتحدة الأمريكية تأكيدها على احترام سيادة العراق، ووحدة أراضيه، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن السلطات التشريعية والتنفيذية العراقية)).

التزام واضح من الإدارة الأمريكية بأنها تحترم قرار البرلمان العراقي (غير الملزم) دستورياً للحكومة بخروج القوات الامريكية من العراق، أو جدولة انسحابها لأقل عدد ممكن وفقاً لترتيبات قادمة مع العلم أن المذكرة العراقية الأولى التي طلبت دعم الولايات المتحدة عسكرياً في 22 / 6 / 2014 اشترطت الإدارة الأمريكية فيها أنه في حال طلب أي طرف إلغاء المذكرة فإنه يجب أن يمنح الطرف الثاني مدة سنة لاجراء الترتيبات.

5ـ تأكيد على إرسال مستشارين اقتصاديين أمريكان لمساعدة الحكومة العراقية في تجاوز الأزمة الحالية، مع ملاحظة أن النص أشار إلى إصلاحات اقتصادية عراقية بمعنى أن الإدارة الامريكية تنتظر من الحكومة تطبيق برنامج إصلاح واضح بدعم مستشاريها، وهو جزء من أعمدة الحوار ونتائجه، وأيضاً أشار النص إلى أن أحد مهام المستشارين هي مساعدة العراق للحصول على دعم دولي مالي واقتصادي وكذلك المساعدة في خطط الاصلاح الاقتصادي التي يمكن أن تقنع المؤسسات الدولية لكي تقدم مساعدات أو قروض أو غيره.

6ـ النص يؤكد على التزام العراق بفتح الاستثمارات في مجال الطاقة أمام الشركات الأمريكية لكنه مشروط بتوفر بيئة العمل الصالحة. 

7ـ النص المتعلق بالجوانب السياسية التزمت فيه أمريكا بدعم حكومة الكاظمي، سياسياً وأمنياً، وجاء ذكر الانتخابات مرتين في النص مما يؤكد على المضي في هذا المسار، وألمح البيان إلى أن أمريكا ستدفع بحلفائها الغربيين أيضا لدعم حكومة الكاظمي وصولاً لإجراء انتخابات قادمة برعاية المجتمع الدولي. 

8ـ في فقرة الشراكة الأمنية، التزمت أمريكا بوضوح بتقليص عدد القوات الامريكية في العراق، وبدأت أمريكا بالأصل تقليص قواتها بالاتفاق مع العبادي عام 2018، لكنها توقفت بل زادتت قواتها بسبب المعادلة المربكة التي شكلت حكومة تشرين الاول ـ اكتوبر/ 2018 وتصرفات بعض الاشخاص في الداخل والخارج الذين ساهموا في إضاعة سنة ونصف من عمر العراق بمعادلة غير قابلة للحياة صممت بصورة مزاج شخصي تحكمت فيه عوامل خارجية لاعلاقة للعراق بها.

9ـ التزمت أمريكا بعدم إقامة قواعد ثابتة في العراق كما جاء في اتفاقية الاطار السترايتيجي بالأصل، لكن هذا لايمنع حسب النص من أن يكون لها تواجد مؤقت وهذا ما تقبله أغلب الكتل السياسية الفاعلة.

10ـ في النص إشارة أيضا إلى أن التعاون الأمني تحدده الاتفاقات الأمنية بين الحكومتين حصراً بمعنى أن لا دخل لأي مؤسسة عراقية أخرى بهذه الاتفاقات الأمنية لا برلمان ولا قضاء ولا كتل ولا أحزاب، وأن الحكومة العراقية ملتزمة بهذا الاصل كما كانت الحكومات السابقة كلها متلزمة به.

11ـ في مقابل التزامات أمريكا في ورقة الحوار، أكدت الحكومة العراقية التزامها بحماية القوات الدولية ومنها الامريكية في كل الاماكن التي تتواجد فيها على أرض العراق، فالتزام أمريكا بسحب اغلب القوات وعدم إقامة قواعد دائمية يقابلة التزام عراقي بحماية كاملة، وأي خلل من أي طرف ربما يؤخر تنفيذ هذه الالتزامات.

12ـ أشار النص أيضا إلى أن تواجد القوات الدولية ومنها الامريكية ـ مكاناً وعدداً ـ سيتم الاتفاق عليه لاحقاً ضمن مراحل الحوار.

13ـ وعلى المستوى الثقافي، ناقشت الحكومتان خطط إعادة الأرشيف السياسي المهم إلى حكومة العراق، وجهود تطوير قدرات الجامعات العراقية. كما ناقش الطرفان خطط إعادة القطع الاثرية، وأرشيف حزب البعث إلى العراق، إعادة الارشيف السياسي وارشيف البعث لاقيمة سيادية او مادية لها ، نعم إعادة القطع الاثرية أو التعاون مع الجامعات مسألة مهمة جدا. 

14ـ ما يتبقى هو أن التواجد الدولي أكبر من كونه أمريكي وبالتالي فهناك حاجة إلى مفاوضات أيضا بشأن وجود بقية القوات الدولية، وهناك أيضا مستشارين لدول أخرى إقليمية أو دولية ووجود هؤلاء أيضا بحاجة إلى دراسة وقرار حولهم.

15ـ عموم نص البيان المشرتك أولي، ولم يشر إلى تاريخ الجلسة الحوارية الثانية، لكنه سيكون بحاجة إلى توقيتات وجداول وتواريخ للتنفيذ، ربما سيدخل الوفدان بتحديدها مستقبلاً وبما أن هناك شرط السنة لكل طرف فإنه يمكن القول أن الحوار والمفاوضات أمامها سنة كاملة لغاية 11 / 6 / 2021 لاتخاذ قرارات نهائية بهذا الصدد.

16ـ يتوقع البعض أن المفاوضات الجديدة ستبدأ بعد الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر ومعرفة الادارة الامريكية الجديدة، بل يلمح البعض إلى أن المفاوضات الأصلية ستكون بعد الانتخابات العراقية المبكرة القادمة، وهذا ما أشارت إليه المرجعية في خطبتها حول موضوع التواجد الاجنبي وترغب فيه كتل سياسية كثيرة. 

 

https://www.nasnews.com/view.php?cat=33086