العبادي.. من جبهات القتال الى دبلوماسية الإنتصار
كتب عنا

العبادي.. من جبهات القتال الى دبلوماسية الإنتصار

مجاهد أبو الهيل

قطع الرئيس العبادي المسافة بين الصفا والمروة مرتدياً حرام النصر بعد ان حط به الطائر الأخضر في المملكة العربية السعودية على متن الخطوط الجوية العراقية في جولةٍ شملت ثلاث دول فاعلة في صناعة احداث المنطقة ليحولها بحكمته الى منفعلة حد الدهشة بانتصاراته على داعش الإرهابي الذي تبددت غيومه السوداء من سماء العراق بعد أن تلبدت بتلك السحب الآسنة.

 

الجولة الاولى... عقال الملك

كانت المحطة الاولى للعبادي والوفد المرافق له في بيت الله الحرام حيث اعتمر بعد ان نفض  عن اكتافه غبار المعركة التي عاد منها منتصرا بفترة قصيرة أبطلت تكهنات الادارة الامريكية التي خمنت عمر المعركة بعدة أعوام.

قطع العبادي والوفد العراقي سبعة أشواط ملبياً نداء الرحمة الإلهية تعبيراً عن شكره لله تعالى على نعمة الانتصارات وتقديره لهمة أبناء العراق وقواته المسلحة البطلة بكل صنوفها في صناعة النصر ، وبصمت مفرط لم يقطعه الا هتاف احد المعتمرين العراقيين الذي هتف بأعلى صوته للعبادي " يعيش العبادي محرر المدن العراقية من عصابات داعش " مما أدهش الجميع وجعل الأمن السعودي في حيرة من أمره ، بهذا الصمت كانت خطى العراق تسير بين الصفا والمروة لتنطلق بعدها الى لقاء المسؤولين في المملكة العربية ابتداءا بالملك سلمان الى أصغر أمير من أمرائها كان باستقبال العبادي العائد من جبهات القتال حاملاً على أكتافه اكواماً من الانتصارات المعّفرة بدماء الشهداء ورائحة البارود والرصاص.

كانت السعودية على غير المتوقع سخية حد الإفراط مع العبادي والوفد المرافق له لدرجة ان ولي عهدها الامير محمد بن سلمان تنازل عن عرشه ليقول للعبادي بالحرف الواحد " اعتبرني واحداً من وزراءك يا دولة الرئيس " تعبيرا عن حفاوته واعجابه بانتصارات العراق التي تحققت على يد العبادي وجنوده الأبطال على عصابات الظلام الداعشي.

وبعيدا عن عبارات الوصف التي ربما تخضع للتأويل الخاطئ فان ملك السعودية عبر عن رغبته المطلقة في الوقوف مع العراق ودعمه في كافة المجالات، اذ فرشت المملكة امام رئيس وزراء العراق، عباءات ملكها وأمرائها قبل سجادتها الحمراء الممتلئة بكل انواع الخدمات والدعم لعراق موحد قوي قادر على استعادة عافيته ودوره في المنطقة والعالم ، كما اعترف "الأمير المدلل " بأن العراق يمتلك مقومات للنهوض اكثر من المملكة العربية السعودية ذاكراً عقوله المتميزة ونهريه دجلة والفرات.

وأبدت السعودية رغبتها في شراكة استراتيجية مع العراق المنتصر واعدة بدخولها الى السوق العراقي برأس مالٍ شجاع غير آبه بالخسارات لان منطق الربح والخسارة مع العراق ليس في حساب السعوديين.

كانت لقاءات العبادي مع ملك السعودية وأميرها الذي يمتلك مفاتيح اللعب في المنطقة ، بمثابة رسالة مهمة للعالم مفادها ان العراق لا يعاني من عقد الماضي وغير مصاب بإنفلونزا الطائفية او حمى التخندق في محاور المنطقة والعالم ، لان عراق ما بعد داعش مختلف تماما عن عراق مقطع الأوصال تعلو هامات نخيله رايات سود قادمة من كهوف التاريخ.

المملكة العربية السعودية ابدت رغبتها بتحطي الماضي وطي صفحات التاريخ القريب والبعيد لذلك على الحكومة والمجتمع العراقي استثمار هذه الفرصة او إخضاعها للاختبار ومعرفة مدى مطابقتها لأوجاع العراقيين الذين اكتوت قلوبهم كثيرا بوقود الأهل والجيران الذي اذكى نار الطائفية والاحتراب والتمحور.

 

الجولة الثانية.. عباءة  طهران

كانت المحطة الثانية للطائر الأخضر الذي يقل العبادي والوفد المرافق له في مطار مهر آباد في طهران ليبدأ لقاءاته فوراً مع كبار المسؤولين وعلى رأسهم " الرهبر " او قائد الجمهورية الاسلامية وولي الامر فيها ، حيث تعتبر زيارة اي مسؤول الى ايران بدون لقاءه مع السيد الخامنئي منقوصة وبروتوكولية.

أبدى قائد الجمهورية الاسلامية وكبار مسؤوليها إعجابهم بانتصارات العراق على داعش معبرين عن دهشتهم بتلك الانتصارات وقد استقبلوا العبادي القائد العام للقوات المسلحة العراقية كما يستقبلون الأبطال  العائدين من جبهات القتال وسط اشادة واضحة بقدرته على إدارة المعركة وسرعته في قطف الانتصارات المتلاحقة.

لم تكن اللعبة هينة على غير العبادي من الزعماء العرب او المسلمين خصوصا وهو القادم على متن الطائرة نفسها من زيارة مهمة وناجحة الى السعودية الجار اللدود لإيران والضد النوعي لسياستها واحد أطراف صناعة او حل الأزمات في المنطقة والعالم، لكن العبادي استطاع ان يقنع صانعي السجاد الفارسي بسرعة استقباله وابقاء أبواب الجمهورية الاسلامية مفتوحة امام مطالب العراقيين التي لا تنتهي ، كذلك تمكن من عقد مذكرات تفاهم عديدة في مجالات مهمة مثل الطاقة والتجارة والأمن والسياحة وغير ذلك من المصالح المشتركة بين البلدين في اجتماعه الاول مع الرئيس الاصلاحي حسن روحاني الذي لم يغلق بعد أبواب مكتبه بعد امام باقات الورد وبطاقات التهنئة بمناسبة فوزه بولايته الرئاسيّة الثانية.

 

الجولة الثالثة.. حكمة الأمراء

بعد جولة معقدة  بحسب المعايير السياسية بين عاصمتين متناقضتين في المواقف والانتماءات حطت طائرة العبادي في عاصمة الحكمة والهدوء الكويت ليخرج اصحاب السمو من الاسرة الحاكمة لاستقبال العبادي والوفد المرافق له ، وبإناقة الأمراء كان كل شيء على ما يرام في أعراف القصر الاميري حيث وجه أمير الكويت كل أعضاء حكومته ببحث القضايا المشتركة بين البلدين بما يحقق مصلحتيهما ، وبعد جولة مفاوضات ناجحة تم بحث ملفات الاستثمار والصناعة والزراعة بالاضافة الى فتح ملفات سياسية وأمنية مهمة ، صلى الجميع سنة وشيعة بمن فيهم الصباح والعبادي في مسجد القصر في ليلة رمضانية هادئة سيذكرها الطرفان بمحبة وامتنان في مستقبل العلاقات الثنائية بين الطرفين.

 

الجولة الأخيرة .. حقوق وطن

عاد العبادي الى بغداد وفِي حقيبته وعود ايرانية و خليجية طيبة باستعادة العراق لدوره الإقليمي ومكانته الحضارية والثقافية ، ومن خلال المجلس التنسيقي المشترك بين العراق والمملكة سيكون العراق قادرًا على استثمار انتصاراته على داعش الإرهابي وعدم السماح بإنتاج نسخة جديدة للارهاب تحت مسمى اخر كما يمكن لاقتصاده ان يعتمد على موارد اخرى مع النفط اذا استطاع سحب دول المنطقة بالاستثمار في أراضيه.

كذلك أعلن العراق اعتزاله للعبة الطائفية والتمحور في اي من خنادقها وقطع الطريق امام لاعبيها المحليين الذين أوهموا دول الجوار الاسلامي بأحقيتهم في ممارسة هذه اللعبة.

كما بلغ العراق رسالته السياسية بوضوح بانه ليس طرفا في صراع او اداة في معركة او تابعاً لمحور من محاور المنطقة إنما هو بلد استعاد عافيته بدماء ابناءه وعلى أكتافهم السمراء ووقع اقدام قواته المسلحة بكل صنوفها وسحنات وجوههم التي صنعت النصر بفترة قصيرة أبهرت العالم وجعلته ينحني امام قاماتهم الفارعة.

 

http://iqnews.org/index.php?do=view&type=news&id=7716&lang=ar