أيوب محمد حسن
في الثامن عشر من شهر ذي الحجة، يتجدد الحديث عن حادثة غدير خم. فمنهم من يتناولها سياسياً، ومنهم من يُشير الى أهميتها الدينية العقائدية، ومنهم من يُشير الى أثرها اجتماعياً ومجتمعياً معاً، ومنهم من يتحاشى الحديث عنها لأسباب "سايكولوجية"، مُتجنباً، الولوج إلى حتمية ذكرها في كُتب التاريخ من مختلف المذاهب والعقائد، وذلك ربما يكون (سراً) إلهياً، أن يتفق (المُختلفون) فكرياً، على ذكرها والإشارة إليها.
لا أريد هنا تسويق غدير خم كي أتمكن من الدخول في ما أريد الدخول به، حاشا لله، ولكن وأنا أستمع لما تحدث به السيد العبادي في لقاء "المواجهة" على قناة الشرقية، أثارتني شجاعة الحديث وتبرئة الذمة أمام الله والتاريخ، وأعجبتني سرعة الإجابة والبديهية المبنية على الفطرة النقية، والعبادي يتحدث بعفوية عن بعض أسرار ولايته الرئاسية.
الكثير أصابتهم هول المفاجأة والصدمة ممن سمعوا الحديث، ومنهم من هاجم وبشراسة، ومنهم من احترم نفسه وهو يعرف أن ما ذكره العبادي هو الصدق بعينه. فهو لم يتزلفهم ويتملقهم يوماً ولا يزال، وهو مُعتقد، بل مؤمن أن الله سبحانه سيُظهر الحق ولو بعد حين، وأن أعوام الحرب على داعش كانت تحمل في خبائها الكثير الكثير مما امتنع عن ذكره العبادي. لا لخشيته من أحد، ولكن للحفاظ على الآصرة المجتمعية، سيما وأن الحرب كانت شرسة، شرسة جداً في كل ما حملته من أحداث.
الحرب كانت على جبهتين، داعش، وجيوش الفاسدين الذين قُضت مضاجعهم وهم يُشاهدون التلاحم المثير للإعجاب والدهشة بين الحكومة من جهة، والقوات الأمنية بمختلف صنوفها من جهة، والحشد المُقدس المُلبي للفتوة الشجاعة، من جهة أخرى.
العبادي يا سادة يا كرام، صدق مع نفسه، وصدق مع ربه، وصدق مع التاريخ، وهو يعلم قبل غيره، أن التاريخ لا يرحم أحداً، وسيأتي اليوم الذي يتحدث فيه التاريخ عن كل ما حدث في إبان حرب داعش، والعبادي مؤمن أيضاً أن ما نطق به وأشار إليه، هو ليس من بناة خياله، أو (للتزلف) كما اتهمه بعضاً ممن اعتاش ولا يزال على (خراب البيوت) و(دماء الناس)، ويُطبلون ويزمرون أنغاماً لأسيادهم الذين كسوهم وأطعموهم و(وظفوهم)!
العيب يا سادة يا كرام ليس في ما تحدث به العبادي، العيب في أنكم لا تريدون ذكر الحقيقة وتريدون (طمسها ودفنها) حتى وإن كان ذلك على حساب دماء الشهداء ممن قاتلوا بشرف لاسترداد الشرف.