كلمة الدكتور حيدر العبادي في الذكرى السنوية السادسة لتحقيق النصر على داعش
رئاسة النصر

كلمة الدكتور حيدر العبادي في الذكرى السنوية السادسة لتحقيق النصر على داعش

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}

أيها الشعب الكريم: أبارك لك ذكرى نصرك العظيم في العاشر من كانون الأول 2017، ذكرى النصر المؤزر على داعش الإرهاب والهمجية، ذكرى تحرير الإنسان والأرض من دنس أعتى عصابات الدم والظلام والتوحش.

وإني المؤمن بقدراتك دوماً، أحيي في هذا اليوم ذكرى نصرك الذي أذهل العالم. فبعزيمتك يا شعب الإباء، وبوحدتك وإرادتك وتضحياتك، انتصرت. فالنصر عراقي بامتياز، وسيبقى هذا النصر وسام فخر وعزة وسؤدد في تاريخك العظيم.

أيها المنتصرون: يقترن انتصار العراق في العاشر من كانون الأول من كل سنة مع يوم "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"..

وأقول: أي إعلاءٍ ونصرةٍ للإنسان وحقوقه اكبر من أن يتحرر من التوحش والإرهاب والموت والتمييز والجهل؟ وأي حق أعظم من حقوق الحياة والعدالة والكرامة للإنسان على مر العصور؟

وقد فعلها العراق، فعلها وانتصر للإنسان وحقوقه، وسحق الإرهاب والتوحش دفاعاً عن العراق والإنسانية كافة.

 

أيها المحتفلون بالنصر: بين يدي هذه الذكرى الوطنية الكبرى، إسمحوا لي بالوقوف على محاور أرى أهميتها اليوم:

 

  1. معارك التحرير التي خاضها العراق ضد الإرهاب كانت معارك وجودية للدولة، فمشروع الإرهاب كان في عمقه إسقاطاً للدولة برمتها، وتغيير هويتها وبنيتها وخارطتها السيادية.

وقد أفشلنا هذا الخيار الذي كان مدعوماً ومخدوماً من قوى إقليمية ودولية، وكسبنا معركة استعادة الدولة، وأجهضنا خيار سقوط العراق كدولة، ولم يكن ليتحقق هذا النصر العظيم إلا بالوحدة الوطنية واتحاد جميع قوى ونخب الشعب في الدولة كوجود وإدارة وهدف.

 

  1. لم تكن معارك التحرير التي خضناها ضد الإرهاب معارك عسكرية وحسب، بل كانت في العمق أيضاً حروب إدارة فعّالة للدولة باقتصادياتها ومخابراتها وتوازنات سياساتها الداخلية والإقليمية والدولية، إضافة إلى عقيدة ورؤية عسكرية رصينة، وقد أثبتنا قدرة الإدارة والإرادة العراقية بكسب التحديات والحروب الشاملة المعقدة.

 

  1. النصر على داعش أسقط خيار الإرهاب والتوحش من أن يصبح واقعاً مفروضاً على العالم ليتعايش معه، وبهذا فقد أسقط العراق المقتدر خيار الإرهاب من أن يفترس المنطقة والعالم، وعلى المنطقة والعالم رفع القبعة للعراق وشعبه ومقاتليه، لأن ما قدمه العراق هو دين في العالم.

 

  1. الإنتصار على الإرهاب كان عراقياً، ومن الحيف وهب النصر إلى الأجنبي أياً كان. لقد ساندنا العالم، وتقدمنا له بالعرفان، لكن أكدنا ونؤكد، أنَّ الدم والنصر كان عراقياً بامتياز، وأنّ مساندة العالم لنا كانت دفاعاً عن دولهم ومصالحهم أن تنهار على يد الإرهاب، وكانت مساعدات مدفوعة الثمن ولم تكن بالمجان.

 

  1. بانتصارنا على الإرهاب خرجنا بدولة موحدة وشعب متماسك واقتصاد أفضل وسيادة متعافية، وكسبنا ثقة العالم بنا كدولة وإدارة سياسية قادرة على كسب الرهانات الكبرى رغم التحديات والمعوقات الهائلة.

 

أيها الشعب المجيد: تمر ذكرى النصر اليوم والعراق يواجه تحديات خطيرة لا تقل أهميةً ومصيريةً للشعب والدولة، وعلينا مواجهتها بحكمة ووحدة وعزيمة.

 

إنَّ المنجزات التي تحققت بالأمس بوحدتكم وإرادتكم وتضحياتكم يجب أن لا تتراجع اليوم أو غداً.

لقد أسقطنا خيارات الإرهاب والطائفية والتجزئة والفوضى، وعلينا اليوم وغداً تطبيق نفس مسطرة التفاعل، ونفس مقياس الهم والهمة بالإرادة والإدارة ونحن نواجه التحديات الداخلية والخارجية، لنضمن النصر والتقدم بقوة الله وهمتكم.

يجب أن لا نسمح للإرهاب والجريمة والفوضى من الإستيطان مجدداً، كما يجب أن نقف صفاً واحداً لإعادة البناء وإشاعة التعايش وتحقيق العدالة، وعلينا أن نتوحد ونقف بالضد من إعادة إنتاج الطائفية وفوضى السلاح وانفلات الجماعات وارتهان الإرادة للأجنبي.

إنَّ كسب رهان وحدة الدولة وسيادتها ورفاهها رهن الوحدة الوطنية والحكم الفعّال والإدارة الكفوءة، ورهن همة وعزيمة الشعب لكسب تحديات البناء والبقاء.

وأرى في طليعة التحديات التي نواجهها اليوم، تحدي وحدة القرار، ووحدة سياسة الحكم، ووحدة إدارة الدولة، وهنا أشدد على ضرورة الإنضباط بالدولة ومؤسساتها، فلا يمكن أن نتجاوز التحديات بدولة تتعدد فيها مراكز القوى والقرار والسياسة، والدولة المنقسمة على نفسها تحكم على ذاتها بالفشل والفناء.

وفي هذا السياق أشدد على أنَّ المسؤولية الوطنية توجب عدم إضعاف الحكومة للقيام بمسؤولياتها بل الوقوف معها لخدمة الشعب وحفظ أمن وسيادة البلاد، فهي مسؤولة دستورياً لتمثيل البلاد وإدارة الدولة لتحقيق المصالح الوطنية العليا.

أيضاً، علينا كحكومة وشعب التضامن والفاعلية لجعل معارك النزاهة والأمانة والنظام معارك وطنية، نقصم بها ظهر الفساد والخيانة والفوضى. فمن المعيب استمرار الفساد والفوضى في سجل العراق الوطني ومسيرته التاريخية.

أيها الشعب الأبي: تمر ذكرى النصر والعراق على أعتاب تحدي انتخابات محلية هامة، وهنا أشدد على وجوب المشاركة الجماهيرية الواسعة لضمان نتاج تمثيل حقيقي ونزيه وفعال للشعب، وأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة ومعبرة بصدق عن إرادة العراقيين وتطلعهم نحو الإصلاح والتغيير وتحقيق الآمال في البناء والتقدم، وخلاف ذلك لن تكون الانتخابات معبرة عن إرادة الشعب وخياراته.

أنتم مَن يختار ويصنع المستقبل، فشاركوا بهمة واختاروا الأفضل والأنسب لإدارة محافظاتكم وتحقيق تطلعاتكم.

لا تختاروا الفاسدين ولا من رهن إرادته بإرادة الاجنبي ولا من باع مصالح الوطن والمواطنين.

إن مشاركتكم الواسعة لاختيار الأفضل كفيل بإفشال الفاسدين وعدم تمكينهم من السيطرة على مقدرات المحافظات وأهلها.

أيها الإخوة أيتها الأخوات: تتزامن ذكرى انتصار العراق على الإرهاب، بالحرب الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني الغاضب والمتغطرس على شعب فلسطين والتجاوز على كرامته واستلاب أرضه وأمنه.

وهنا أؤكد، واستلهاماً من نصرنا على قوى الإرهاب والهمجية، أنّ للظالم جولة وللمظلوم صولة، ولا يمكن إلا أن تنتصر الشعوب مهما تطاول الظلم والعدوان. (..وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ).

أبارك للعراق وشعبه ذكرى نصره المبين على الإرهاب، وأدعو الله تعالى الإزدهار والتقدم للعراق وشعبه وأن يوفق البلاد لاختيار الأصلح لإدارته، وأن يحقق الحرية والسيادة لفلسطين، وجميع الشعوب المتطلعة للكرامة والعدل.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الدكتور حيدر العبادي

10 كانون الأول 2023