- تقوم بنية النظام التوافقي المكوّناتي على أساس من مقومات، في طليعتها: المكوّن-الشراكة-التوازن-الحزب التمثيلي للمكوّن حيث تُعد الأمّة/الدولة لديه مجموع مكوّنات عرقية طائفية متناشزة لابد لها من إطار توافقي يقسّم السلطة والثروة والأرض على وفق مصالح المكوّنات وحجومها (السيادية). ولضمان التوازن بين المكوّنات يتم توزيع سلطات الحكم بصفقات توافقية تشكّل ائتلافاً حاكماً من جميع المكوّنات الداخلة في تركيبة الدولة.
- يُولّد النظام المكوّناتي (العرقطائفي) ثلاثي: التحكم والحماية والمصالح، فستتحكم سلطة المكوّن بدولة الأمّة، وستتحصن المكوّنات بسلطاتها للإعتراف والحماية ضد المكوّنات الأخرى، وستحتكر المكوّنات المصالح، وستتحكم قوى المكوّنات السياسية بالمكوّنات المجتمعية نفسها لتشكل وإياها وحدة واحدة في أنظمة التمثيل والتبعية والمصلحة النهائية.
- تنتج عن هذه البنية سلسلة معقدة ومتداخلة من الأنظمة التي تتحكم وتسيطر وتحتمي بالدولة ضد الدولة لتحقيق مصالح المكوّنات، تقودها مجموعة قوى سياسية تمثل مكوّناتها العرقية الطائفية، والتي ستكون في النهاية هي المستفيد من هكذا نظام من خلال توظيفها للقدرة التشريعية والتنفيذية لتوجيه وضبط المكوّنات المجتمعية لما تراه وتتبناه هي من مصالح، وبالتراكم والتقادم ستجد المكوّنات المجتمعية نفسها أسيرة هذه الشبكة المعقدة والمتداخلة من الصراعات والمصالح والتي تقتضي الحماية من القوى السياسية الممثلة لها، ثم التوجيه فالتحكم بها على أساس من كونها محميات سياسية.
- لأنَّ النظام التوافقي المكوّناتي يقوم على أساس من مقاطعات عرقية طائفية تجعل من المكوّن أساس بنائها، فستتشكل بالتبع محميات سياسية يحرسها الإعتراف بالمكوّن ويحقق استقلالها المصالحي نظام الحماية. ومع قيام المحميات السياسية ستتحوّل الدولة إلى نظام الدويلات المقنّع والذي تمارس فيه السيطرة والتحكّم القوى السياسية المعبّرة عن المكونات المجتمعية. وباعتبارها قوى المكوّنات، فإنها ستحتكر التمثيل وستطالب بحصص السلطة والثروة محلا الصراع والمصالح في نظام المكوّنات السياسي. والمعادلة التي ستنتج هي: دولة موزعة على شكل محميات سياسية عرقية طائفية، وقوى سياسية ممثلة للمكوّنات ومستفيدة من أنظمة الإعتراف والتمثيل والحماية لتحقيق المصالح، فتغدو الدولة بالمحصلة هي دولة القوى العرقطائفية من خلال امتلاكها للسلطة والثروة.
- المكوّن والتوافق هما أداتا القوى السياسية المكوّناتية لحماية نظام المصالح، خلافاً لمبدأي المواطنة والأغلبية السياسية في النظام الديمقراطي، إذ أنَّ المواطنة لا تساعد ذاتاً القوى السياسية على التمثيل الإحتكاري للناخبين، فالمواطنة تعطي القوى السياسية حق التمثيل السياسي وليس حق التمثيل العرقي الطائفي، والمصالح في عرف المواطنة تتحقيق وفق قاعدة المواطن/الخدمة وليس المكوّن/المصلحة. إنَّ التمثيل على أساس من المواطنة هو تمثيل سياسي خدمي وليس تمثيلاً سياسياً مكوّناتياً. كما أنَّ مبدأ الأغلبية السياسية في الديمقراطية يمنع القوى السياسية من تكوين البنية/الكتلة الإنتخابية أو البرلمانية العرقطائفية، بل يشكّلها على أساس من التوافق السياسي البرامجي الصِّرف، في حين أنَّ نظام التوافق المكوّناتي هو نظام تمثيل الإثنية/الطائفة/المصلحة على وفق اشتراطات دولة المكوّنات من شراكة وتوازن وفيتوات متبادلة بين المكوّنات.
- جوهر إصلاح النظام هو سياسي أولاً يتصل بفلسفة الدولة وطبيعتها وبنيتها، ولا جدوى من إصلاح النظام ما لم يتحرر أولاً من أسر النظام المكوّناتي القائم على فلسفة التمثيل والتّحكم والسيطرة الذي تتبناه العرقطائفية السياسية، وبما يضمن إنتاج نظام سياسي وطني يستند إلى التمثيل والمصلحة والحماية لأمّة الدولة ولدولة الأمة.
لا جدوى من أي إصلاح للنظام إلاّ بكسر قالب التوافق العرقطائفي الحزبي الذي شظى وحدة الدولة وشتت سلطاتها وشرعن ابتلاعها مكوّناتياً حزبياً كمحميات سياسية.
المهمة الأساس لإصلاح النظام السياسي تتمثل باعتماد معادلة: المواطنة+المؤسسة+الحزب الوطني=الدولة الوطنية، قبال معادلة: المكوّن+سلطة المكوّن+الحزب الممثّل للمكوّن=دولة المكوّنات.